أصبحت مهددة بالانقراض جمع الطوابع.. هواية الملوك تعصف بها التكنولوجيا
هواية الملوك.. هكذا كانت توصف هواية جمع الطوابع البريدية، غير أن التطور التكنولوجي عصف بها بعد أن تخلى الناس عن البريد التقليدي وتحولوا إلى وسائل الاتصال الحديثة عبر الانترنت والهاتف.
لقد كانت فكرة انشاء أول طابع بريدي مستوحاة من الطابع الضريبي وكانت الفكرة من بلجيكا رغم أن أول ظهور له كان في بريطانيا سنة 1840 وكان عبارة عن “بورتري” للملكة فيكتوريا وكانت صورة الملكة فيكتوريا هي الملهمة التي انبثقت منها فكرة جمع طوابع البريد بعد ان اشترى الكثيرون الطابع الحامل للملكة فقط للذكرى، ومع الوقت تحولت إلى هواية يسعى أصحابها إلى توسيع مداركهم من خلالها ومعرفة ثقافات الشعوب وميولاتها.
وفي الجزائر عرفت هواية جمع الطوابع أثناء الاستعمار، حيث يقول عمي ابراهيم، 67 سنة، متقاعد وهاو لجمع الطوابع: “كان والدي يعمل بستانيا وكنت حينها في التاسعة وكنت أراه كيف يصنف طوابعه في ألبوم جميل، كان الفضول يشدني إليها فكنت أختلس النظر إلى ألبومه المزركش عندما يجلس في حديقة منزله.. وبعد الاستقلال قدر الله لي أن أعمل في مكتب للخزينة العمومية حيث كنا حينها نستقبل العشرات من الرسائل يوميا فما كان علي سوى صنع البوم مثل ألبوم والدي” .
عمي ابراهيم تحدث مطولا عن هواية جمع الطوابع التي قال بشأنها أن فيها سرا خفيا وأن فيها فائدة تعليمية كبيرة لأن الطابع البريدي قد يجعل الواحد منا يبحث في الكتب لفك رموزه وتحليل تواريخه التي عادة ما ترتبط بمناسبات وطنية وتاريخية للبلدان.
من جهته قال لنا هشام، 38 سنة، متحصل على شهادة الليسانس في اللغة الألمانية “بدأت هواية جمع الطوابع صدفة عندما كنت أراسل إذاعة صوت ألمانيا في التسعينيات من القرن الماضي فكنت أتلقى الرد في أظرفة عليها طابع بريدي وقد كنت أحتفظ بهذه الطوابع في كل مرة للذكرى فبدأ اهتمامي بجمع المزيد من الطوابع من البلدان الأخرى ينمو ويزيد، وقد أصبح الأمر من أجمل ما أحب ممارسته”.
وقد تختلف أسباب الاهتمام بهذه الهواية التي تمارس في صمت يجد فيه ممارسوه الكثير من المتعة والفضول فهناك من يجمع الطوابع البريدية الخاصة ببلده او لبلد يحبه ويتمنى زيارته .
وهواة جمع الطوابع ليسوا صنفا واحدا فبعضهم يتخصص في مواضيع معينة، كالتركيز على أحداث أو أماكن معينة، وهناك من يركز على جمع الطوابع التي تحمل صور حيوانات أو لوحات فنية شهيرة، وهناك من يشكل ألبوما تاريخيا يركز على تسلسل الأحداث السياسية والثقافية.
وتتوقف قيمة الطابع البريدي وفقا لحالته ومدى سهولة الحصول عليه وأكثرها قيمة هي الطوابع غير المتداولة والنادرة في آن واحد فجمالية الطابع لا يتعلق ببهاء ألوانه بل بندرته وقِدمه.
ويؤرخ الطابع البريدي لمراحل مهمة من حياة اي بلد، ويمكن ان يكون عوناً للباحثين والدارسين في هذا المجال، ولكن الملاحظ أن الذين لا يزالون يهتمون به، قليلون جدا في الجزائر، سواء بسبب عدم ادراك مدى أهميته، أو بسبب تفشي الوسائط التيكنولوجية المختلفة على نطاق واسع، حيث يفضل الناس الاشتغال بالهاتف المحمول والانترنات والفضائيات وغيرها، ولا يكادون يلتفتون إلى شيء اسمه اقتناء الطوابع البريدية التي يبدو أنها أصبحت محسوبة على الماضي وتسير بخطى وئيدة نحو الانقراض.
بتاريخ : 03-05-2017
المصدر : Echourouk (echoroukonline.com)