وثيقة رسمية

وثيقة رسمية

المكتبة > الطوابع البريدية > 1985 > رقم 830


بعض القراءة


تعتبر «زنقة الصياغين»، في كل المدن والقرى الجزائرية تقريبا، جزءا من المحيط، وتمثل حيّا خاصا له حوانيته وحرفيوه وطقوسه. كل المحلات تتشابه في كونها لا تحتاج إلى مساحات كبيرة، بحيث يعمل الصائغ جالسا ولا نسمع من نشاطه سوى ضربات خفيفة من المطرقة وصوت احتكاك الإزميل. رغم قيمة الأشياء التي ينجزها والمادة التي يستعملها، إلا أن هذا الحرفي لجأ منذ مدة تاريخية طويلة إلى تجهيزات بسيطة، تتكون من مجموعة صخور مركبة فوق بعضها البعض ومن حفرة مصنوعة من الطين الصلب لتذويب الذهب والفضة. تُستعمل قطعة عظمية للحبار كقالب يسمح بتفريغ المادة المذوبة لصناعة الحلي من قطعة واحدة. يستعمل الصائغ مجموعة صغيرة من الأدوات: المطرقة التي تستعمل في صناعة الحلي الرائعة إذا ما وجدت في يد ماهرة ثم السندان، لأن الحلية تصنع بين المطرقة والسندان. يستعمل الخنجر الحاد لرسم الأشكال، والمثقاب لإحداث الفتحات ثم تأتي الكلاليب، الإزميل والمنقش الصغير، لتنهي العمل تحت السيطرة المتأنية والدقيقة للصائغ. إن الأشياء اليومية التي كنا نجدها في البيوت، شكّلت التعبير عن ذوق المجتمع الحضري، لأن الأواني المنزلية كانت تأخذ أشكالا فخمة وفاخرة، تزيّن البيوت وتسحر الضيف، الذي يجد أجمل أباريق القهوة والشاي، أحلى الكؤوس والصينيات. تفوح داخل البيت أزكى روائح البخور التي تنبعث من الكانون أو المجمرة، التي تبدو عبر ثقوبها معدنا صقلته يد ماهرة لحرفي محنك.