بعض القراءة
تعد شجرة النخيل من جملة الأنواع النباتية التي طالما ألهمت الشعراء منذ الأزل. ويعود تاريخ النخلة، التي استعملها الإنسان للتزيين وانتفع كثيراً من ثمراتها، إلى غابر العصور، ولطالما تغنى بها الرواة والمؤرخون والأدباء في كتاباتهم والرسامون في لوحاتهم. طولها وجذعها الطويل والمستقيم أو المركب، رطوبتها والظلال الناعمة التي توفرها، كل ذلك جعل من النخلة رفيقاً دائماً وممتعاً للإنسان. يوجد من النخيل أنواع متعددة كلها بديعة المنظر وذات فوائد جمة للإنسان. فوجودها على امتداد الصحراء الشاسعة، ببساتينها وألوانها وحفيف سعفاتها جعل منها بمثابة شجرة سلام بالنسبة لأهالي مناطق الجنوب. في سطحها يختلط الماء بالتراب فيشكلان كياناً واحداً ينتج لنا بساتين خلابة. في المناطق المطلة على البحر المتوسط، تغرس على حوافي الشوارع والنهج وتزيـّن بها المنتزهات والحدائق العامة، وتضفي على المدن والقرى أناقة وتبعث فيها البهجة وهي تذكّر الإنسان الحضري بتلك العذوبة الذي تغنى به الشعراء. تعمّر النخلة طويلاً إذا ما اعتنى بها الإنسان ووقاها من آفات الدهر، فهي حقاً تشكل مورداً لا غنى عنه لمن يريد أن يخدمها ويعتني بها. وتمثل النخلة أيضاً عامل توازن للبيئة في الأقاليم التي تنمو فيها، بحيث أنها تسمح لأنواع أخرى بالنمو وللإنسان بمزاولة نشاطه الزراعي. هناك بحوث تجريها حالياً السلطات العمومية لحماية واستغلال هذا النوع النباتي، لأن ألياف النخلة وثمارها تفيد أيضاً لكثير من الصناعات والأعمال الحرفية. لكن ثروته الأساسية تبقى هي التمور بأنواعها التي تصل 82 نوعاً، منها ''دُّلة نور'' الشهيرة والمطلوبة بكثرة في الأسواق العالمية. وهناك مساع كثيرة تبذل من أجل تطوير نخيلنا ومردوديته لفائدة الاقتصاد الوطني ولفائدة من يسهرون على استثمار هذه الثروة الطبيعية. إن هذه النخلة الباسقة والشامخة، التي تجود بخيراتها وفوائدها الجمالية بسخاء، لجديرة بمزيد من الحماية والعناية من قبل الإنسان