مغلف اليوم الأول

مغلف اليوم الأول

المكتبة > Mini Sheets > 2023 > رقم 41


بعض القراءة


حدث ذلك يوم السبت 04 ديسمبر 1852 عندما استخدمت القوات الفرنسية الغازية والتي كان تعدادها حوالي 6000 جندي يؤطرهم ثلاثة جنرالات وهم بيليسي ويوسف وبوسكران لقمع المقاومة الشعبية في الأغواط وكان عدد سكان مدينة الأغواط المقاومة 4500 نسمة استخدمت القوات الفرنسية الغازية ضدهم ولأول مرة في التاريخ قذائف معبأة بمادة 'الكلوروفورم' في محاولة لإبادتهم بصفة جماعية مما أسفر عن مجزرة رهيبة، وهو ما يعتبر أول 'هولوكوست' في تاريخ الحروب.

وقد ورد في مصادر الأرشيف الفرنسي مؤخرا بأن تلك المجزرة البشعة في حق السكان المدنيين من أبناء وبنات الأغواط قد اسفرت عن إبادة 3786 شخص من أولئك المواطنين بعد مقاومة شرسة جابه خلالها الأغواطيون لشجعان جحافل الجيش الفرنسي المدجج بأسلحة فتاكة تم استخدامها لأول مرة في التاريخ.

كما تم توثيق مصرع الجنرال بوسكاران إضافة إلى عشرات الضباط والجنود خلال تلك المقاومة الشرسة التي دافع فيها الأغواطيون عن مدينتهم. وبعد أن استعصت المدينة على الغزاة دعا العقيد السفاح بيليسي، الذي تمت ترقيته بعد محرقة الأغواط، إلى تدمير المدينة وتشتيت سكانها. حيث مارست القوات الاستعمارية على سكان مدينة الأغواط إبادة جماعية عن طريق استعمال الأسلحة الكيميائية ولأول مرة في التاريخ العالمي. ولم يكن هذا العمل الشنيع يهدف إلى استسلام السكان فقط، بل إنه كان يرمي إلى محاولة لإبادة عرقية.

وقد اعترف أحد ضباط الجيش الاستعماري وهو الجنرال فرانسوا شارل دو براي في مذكراته (Mes souvenirs Tome 2, 1851-1864) بهذه الجريمة اللاإنسانية، مؤكدا أن الأغواط تعرضت إلى كل فضائع الحرب، وأنها عرفت كل التجاوزات التي يمكن أن يقترفها العساكر الذين واجهوا مقاومة شرسة من قبل السكان وما نتج عن ذلك من غضب وانتقام همجي لما تكبدوه من خسائر. ولذلك فقد كانت هناك مشاهد مروعة وفظيعة من قتل واغتصاب وهتك للأعراض. كما امتلأت مختلف شوارع وأزقة ومنازل مدينة الأغواط بجثامين الرجال والنساء وحتى الأطفال الذين لم تستثنيهم آلة القتل والتدمير، وقد راح عساكر فرنسا يعبئون الأكياس بالجثث ويرمونها في مقبرة جماعية، كما تم وضع 40 مقاوما و هم احياء في أكياس معبئة بمادة 'الكلوروفورم' ثم احرقوهم (بواد مزي) حتى وصفت السنة التي شهدت تلك المجزرة الرهيبة بعام 'الشكاير' وعام 'الخلية'. ولم تكتف قوات الاحتلال بذلك فقط، بل راحت تحرق العديد من جثث المواطنين، وتلقي بأخرى في الآبار (بجنان البايلك) في محاولة للتستر على تلك الجريمة الشنعاء.

وعليه فإن هناك ضرورة ملحة الآن لإجراء دراسات أكاديمية لمعرفة نوع وحجم الأسلحة الكيميائية التي استعملتها فرنسا طيلة العهد الاستعماري في الجزائر وآثارها على الصحة والبيئة.