بعض القراءة

إن صفحات التاريخ الديني والثقافي في الجزائر مزدانة بذلك العقد النفيس من المؤسسات العلمية والتربوية والدينية المتجذرة، التي أسهمت في تنمية المجتمع وتطوره وبناء مساره الحضاري المتألق، ولا يتجاوز الحقيقة والموضوعية من يقرر أن واسطة هذا العقد النفيس هي تلك الرابطات وزوايا العلم والتربية، التي لا يخلو منها شبر من هذا الوطن المفدى. فللزوايا دورها الريادي في خدمة القرآن الكريم حفظا وتعليما وفهما وتفسيرا، وفي خدمة سنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم رواية ودراية.
وللزوايا إسهامها المتميز في خدمة العلم الشريف، بما خرجت من العلماء، وكونت من الأئمة، والطلبة والمريدين، وبما أثرت المكتبة الإسلامية من المؤلفات والمصنفات، وبما جادت به من إضافات في حقول الدرس العلمي المتعدد التخصصات.
وللزوايا ذلك الأثر البارز في التزكية والتربية والإصلاح المتعدد الأبعاد، الذي يهذب النفس الإنسانية ويسمو بها في مدارج الكمال، ويحصن المجتمع من الفرقة والتشرذم، ويعزز فيه أواصر الألفة والإيواء وعقد مجالس الصلح بما يحفظ سلامة النسيج الاجتماعي ويشيع أجواء التكافل والتعاون بين أبناء الوطن الحبيب.
وللزوايا مواقف مشرفة في الدفاع عن الدين والوطن، إذ ضحت بالنفس والنفيس، وقدمت الأرواح والمهج في تحرير الوطن من المستعمرين المعتدين، وآخر الصفحات الناصعة في هذا الميدان الشريف هو ذلك الجهاد المستميت ضد الاستعمار الفرنسي ابتداء بالمقاومات الشعبية وانتهاء بالثورة المباركة.
والزوايا كانت وما تزال القلاع الصامدة في الرباط على ثغر المرجعية الدينية الوطنية عقيدة وفقها وسلوكا، متمسكة بالإسلام الوسطي الذي يعزز قيم التسامح والعيش المشترك، ويقي من أسباب التطرف والتشدد، وكل أشكال الانحراف فكرا سلوكا.

انظر أيضا الصور التالية

مغلف اليوم الأول

تكبير

وثيقة رسمية

تكبير